سيمور هيرش" يكشف تفاصيل فضيحة «أوباما وأردوغان » في سوريا.. تقرير أمريكى سرى: جبهة النصرة بدعم من تركيا شنوا هجمات كيميائية في الغوطة وخان العسل.. واشنطن أسست "خط الجرزان" لتهريب الأسلحة إلى دمشق

Publié le par Samir Svet

سيمور هيرش" يكشف تفاصيل فضيحة «أوباما وأردوغان » في سوريا.. تقرير أمريكى سرى: جبهة النصرة بدعم من تركيا شنوا هجمات كيميائية في الغوطة وخان العسل.. واشنطن أسست "خط الجرزان" لتهريب الأسلحة إلى دمشق

الأربعاء 09/أبريل/2014 - 02:54

الصحفى الأمريكى سيمور هيرش

كشف الصحفى الأمريكى سيمور هيرش، الحائز على جائرة بوليتزر في الصحافة عن سر تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالتدخل عسكريا في سوريا عبر تحالف عسكري بدون موافقة الكونجرس الأمريكي في أغسطس الماضي، بسبب تورطه في هجوم غاز الأعصاب على الغوطة قرب دمشق.

وقال هيرش في مقال بمجلة "لندن ريفيو أوف بوكس"، إن سر تراجع أوباما عن قرار الضربة يكمن في حصول المخابرات البريطانية على عينة من غاز السارين المستخدم في الهجوم على الغوطة يوم 21 أغسطس 2013، وأثبت التحليل أن الغاز المستخدم في الهجوم لا يتطابق مع ذلك الموجود في ترسانة الأسلحة الكيميائية التابعة للجيش السورى.

حصلت المخابرات البريطانية على عينة من غاز الأعصاب الذي تم استخدامه في هجوم على الغوطة وأظهرت نتائج التحليل أن الغاز المستخدم لا يتطابق مع نوعية الغاز الموجودة في ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية. على وجه السرعة تم تمرير رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مفادها أن الحجة ضد سوريا ليست قوية ولن تصمد وأدى التقرير البريطاني إلى زيادة مستوى الشكوك داخل البنتاغون، وكان رؤساء الأركان يستعدون لتحذير أوباما من أن خططه للهجوم على سوريا باستخدام صواريخ وقنابل موجهة بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط. عند استلام الرسالة، قام الضباط الأمريكييون بتقديم تحذير في اللحظة الأخيرة للرئيس الأمريكي، وأدى ذلك في النهاية، وفق وجهة نظرهم، إلى إلغاء الهجوم.


وطوال شهور عديدة، كانت لدى كبار القادة العسكريين والمخابرات مخاوف شديدة حول دور البلدان المجاورة لسوريا في الحرب القائمة هناك، وخاصة الدور التركي.


وكان معروفا أن رئيس الوزراء أردوغان يدعم جبهة النصرة، وهي مجموعة جهادية من الفصائل المعارضة، إضافة إلى مجموعات إسلامية أخرى في تصريح خاص، أخبرني مسئول سابق كبير في المخابرات الأمريكية ممن لديهم اطلاع على المعلومات الاستخبارية الحالية بمايلي: "كنا على علم بأن بعض المسؤولين في الحكومة التركية كانوا على قناعة من قدرتهم على إيقاع الرئيس الأسد في ورطة كبيرة عبر تدخلهم في تدبير هجوم بغاز الأعصاب في سورية، وبالتالي إجبار أوباما على تنفيذ تهديده بعدم تجاوز الخط الأحمر."


وكان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يدركون أيضا أن مزاعم إدارة أوباما العلنية حول أن الجهة الوحيدة التي تملك القدرة على استخدام غاز الأعصاب هي الجيش العربي السوري كانت مزاعما غير صحيحة.

فالمخابرات الأمريكية والبريطانية كانت تعلم سلفا منذ ربيع عام 2013 أن بعض المجموعات المسلحة في سوريا تقوم بتصنيع أسلحة كيماوية، قدم محللون من وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية لنائب مدير الوكالة، ديفيد شيد، ملف سري للغاية من خمس صفحات، ويقول الملف أن جبهة النصرة لديها وحدة لإنتاج غاز الأعصاب المعروف باسم السارين.

وبحسب الملف "يعتبر برنامج تلك الوحدة أحد أكثر برامج السارين تطورا منذ جهود القاعدة ما قبل 9 سبتمبر وبحسب تصريح مستشار تابع لوزارة الدفاع، تعلم المخابرات الأمريكية منذ زمن طويل أن القاعدة أجرت اختبارات على أسلحة كيمياوية ويوجد لديها شريط فيديو يظهر تجارب استخدام الغاز على الكلاب.

ويتابع ملف وكالة مخابرات الدفاع: "كان تركيز المخابرات في الماضي موجه بشكل تام تقريبا على مخزونات الأسلحة الكيمياوية السورية، أما الآن فنحن نكتشف أن جبهة النصرة تعمل على تصنيع أسلحة كيمياوية خاصة بها.

ونتيجة الحرية العملياتية النسبية لجبهة النصرة في سوريا، نقدر أنه سيكون تعطيل طموحات الجبهة في تصنيع الأسلحة الكيمياوية في المستقبل أمر صعب".

اعتمد الملف في تقديراته على معلومات استخباراتية سرية من وكالات استخبارات عديدة: "حاول سماسرة مواد كيماوية من تركيا الحصول على سلائف السارين بالجملة، عشرات الكيلوجرامات، وعلى الأرجح من أجل الإنتاج المتوقع على مستوى ضخم في سوريا" (عند سؤال المتحدث باسم مدير المخابرات القومية عن الملف، أجاب: "لم يتم أبدا طلب وضع هكذا ملف أو تقديمه من قبل محللي المخابرات)."


في مايو الماضي، تم اعتقال أكثر من عشرة أعضاء من جبهة النصرة جنوب تركيا وبحوذتهم، حسبما صرحت الشرطة المحلية للإعلام، كيلوجرامين من السارين.

ضمن لائحة الاتهام المؤلفة من 130 صفحة، تم اتهام المجموعة بمحاولة شراء صمامات ومواسير لتصنيع مدافع الهاون، إضافة إلى السلائف الكيمياوية اللازمة لتصنيع السارين.. تم الإفراج عن خمسة أشخاص من أصل العشرة الذين تم اعتقالهم بعد فترة وجيزة.


وتم الإفراج عن الباقين بما فيهم قائد المجموعة، هيثم قصاب، الذي طالب الإدعاء بحبسه لمدة 25 عاما، إفراجا مؤقتا بانتظار المحاكمة. في تلك الأثناء، نشرت وسائل الإعلام التركية تكهنات عن قيام حكومة أردوغان بالتغطية على مدى تورطها مع المسلحين. نفى السفير التركي في موسكو أثناء مؤتمر صحفي الصيف الماضي عملية الاعتقال وادعى أن "السارين" المزعوم كان مجرد مادة "مانعة للتجمد".

اعتبر ملف وكالة مخابرات الدفاع عملية الاعتقال كدليل على قيام النصرة بتوسيع قدرتها على الحصول على أسلحة كيمياوية. كما ذكر أن "قصاب" أقر بأنه عضو في جبهة النصرة وأنه يتصل مباشرة بأمير التصنيع الحربي في جبهة النصرة المعروف باسم عبد الغني. قام القصاب مع زميله خالد أسطة بالعمل مع هاليت أونالكايا وهو موظف في شركة تركية Zirve Export، حيث وفر لهما عروض أسعار لكميات كبيرة من سلائف إنتاج السارين.

كانت خطة عبد الغني هي قيام اثنين من العاملين معه باتقان عملية إنتاج السارين، ومن ثم التوجه إلى سوريا لتدريب الآخرين على إطلاق إنتاجه على مستوى واسع في مختبر سري موجود في سوريا."

كما ذكر الملف قيام أحد عملائه بشراء سلائف من "سوق بغداد الكيماوي" كانت كافية لسبع محاولات لإنتاج سلاح كيمياوي منذ عام 2004.
توجهت بعثة خاصة تابعة للأمم المتحدة إلى سوريا للتحقيق بشأن سلسلة من الهجمات الكيميائية وقعت بين شهري مارس وأبريل 2013 واستغرق عملها عدة أشهر.

مصدر وثيق الإطلاع على نشاط الأمم المتحدة في سوريا كشف عن وجود دليل يربط المعارضة السورية بالهجوم الأول بغاز الأعصاب الذي وقع في 19 مارس على بلدة خان العسل، وهي قرية قرب حلب.

في تقريرها النهائي الصادر في ديسمبر، قالت البعثة أن 19 مدنيا وجندي سوري واحد على الأقل كانوا من ضمن الضحايا إضافة إلى أعداد من المصابين.

تقرير من المسئول عن الهجوم لم يكن من مسؤوليات تلك البعثة، لكن أحد المطلعين على نشاطات الأمم المتحدة صرح قائلا: "قام المحققون بأخذ إفادات الأشخاص الذين تواجدوا في المكان، بمن فيهم الأطباء الذين أسعفوا الضحايا. كان من الواضح أن المتمردين هم من استخدم الغاز. لكن لم يتم نشر ذلك علنا لأن لا أحد أراد أن يعرف بذلك."
في الشهور التي سبقت الهجماتـ أحد كبار المسئولين السابقين في وزارة الدفاع الأمريكية أكد أن وكالة مخابرات الدفاع كانت تصدر تقريرا سريا داخليا بشكل يومي يعرف باسم SYRUP حول كافة المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالنزاع السوري، ومن ضمنها معلومات عن الأسلحة الكيمياوية. لكن في الربيع تم الحد من إصدار القسم الخاص من التقرير بشأن الأسلحة الكيمياوية بشكل كبير بأمر من دينيس ماكدونوف، كبير موظفي البيت الأبيض وبحسب مسئول وزارة الدفاع الأسبق: " شيء ما في ذلك التقرير أثار غضب ماكدونوف.

كانت أبعاد الموضوع ضخمة للغاية، وبعد هجمات السارين في مارس وإبريل، اختفى الموضوع وكأنه لم يكن". تم اتخاذ قرار حد وحصر توزيع التقرير عند قيام رؤساء هيئة الأركان المشتركة بإصدار إيعاز بوضع خطط طارئة ومكثفة لاجتياح بري لسوريا هدفه الأساسي تدمير سلاحها الكيمياوي.
وأكمل المسئول السابق في المخابرات أن العديد من مسئولي وكالة الأمن القومي الأمريكية كانوا منزعجين من الخط الأحمر الذي حدده الرئيس: "سأل رؤساء هيئة الأركان المشتركة البيت الأبيض، "ما المقصود بالخط الأحمر؟ كيف يترجم هذا المصطلح بصيغة أوامر عسكرية؟ قوات على الأرض؟ غارة ضخمة؟ ضربة محدودة؟ وتم توكيل المخابرات العسكرية بمهمة دراسة كيفية تنفيذ التهديد. لكنهم لم يعرفوا أي شيء جديد عن منطق تفكير الرئيس."
كمحصلة لهجوم 21 أغسطس، أمر أوباما البنتاجون بوضع خريطة الأهداف التي سيتم قصفها. وأكمل مسئول المخابرات السابق:"في بدايات عملية التخطيط تلك، رفض البيت الأبيض 35 مجموعة أهداف حددها رؤساء هيئة الأركان المشتركة بحجة أنها "لا توجع" نظام الأسد بالقدر الكافي."

شملت الأهداف الأصلية مواقع عسكرية فقط ولم تتضمن بأي شكل من الأشكال البنى التحتية المدنية. بضغط من البيت الأبيض، تحولت خطة الهجوم الأمريكي إلى "ضربة ضخمة جدا": تم نقل سربين من قاذفات بي -52 إلى قاعدة عسكرية قريبة من سوريا، وتم نشر غواصات وسفن حربية مزودة بصواريخ توماهوك.

وتابع مسئول المخابرات السابق:" كانت القائمة تطول يوما بعد يوم، وقال واضعوا الخطط في البنتاجون أن استخدام صواريخ توماهوك فقط لضرب مواقع الصواريخ السورية غير كاف، لأن مواقعها عميقة جدا تحت الأرض، لذلك تم إضافة سربي قاذفات بي-52 التي تحمل قنابل بوزن ألفي رطل إلى المهمة.

وأضافوا أنهم سيحتاجون فرق بحث وإنقاذ على أهبة الاستعداد لإنقاذ طياري الطائرات المسقطة، وطائرات بدون طيار لتحديد الأهداف وهكذا أصبح الأمر ضخم جدا".

قائمة الأهداف الجديدة تعني القضاء نهائيا على أي قدرات عسكرية يمتلكها الأسد.
شملت الأهداف الأساسية شبكات الكهرباء، مستودعات النفط والغاز، كافة المستودعات المعروفة للأسلحة والإمداد، كافة منشآت القيادة والتحكم، وكافة المباني المعروفة العسكرية والاستخباراتية.


وكان لكل من فرنسا وبريطانيا دورا تؤديانه. يوم 29 أغسطس صوت البرلمان ضد طلب كاميرون للاشتراك في الحملة، ونشرت صحيفة الجارديان أنه كان أمر سلفا 6 طائرات مقاتلة طراز تايفون بالتوجه إلى قبرص، كما أضاف إليها غواصة قادرة على إطلاق صواريخ توماهوك.

كما انخرطت القوات الجوية الفرنسية في الخطة إلى حد كبير، وكانت لعبت دورا هاما في الضربات على ليبيا عام 2011، ووفق رواية نوفيل أوبزرفاتور كان فرانسوا هولند أمر عدة مقاتلات قاذفة طراز رافال بالإشتراك بالهجوم الأمريكي.
ووفق التقارير كانت أهداف تلك الطائرات تقع في شمال سوريا.
مع أواخر شهر أغسطس كان الرئيس أعطى رؤساء هيئة الأركان المشتركة بمواعيد محددة لإطلاق الهجوم.

حسب المسئول السابق في المخابرات:" كانت ساعة الصفر قبل صباح يوم الإثنين 2 سبتمبر لبدء بهجوم ضخم لتحييد قدرات الأسد." لذلك تفاجأ الكثيرون عند سماع تصريح أوباما من حديثة البيت الأبيض في 31 أغسطس عن تجميد الضربة وعن توجهه إلى الكونجرس طلبا للتصويت.
في هذه المرحلة، كان رأي أوباما بأن الجيش السوري هو الوحيد القادر على نشر غاز السارين قد بدأ بالتهاوي.


خلال أيام من هجوم 21 أغسطس، أخبرني مسئول المخابرات السابق، أن عملاء المخابرات العسكرية الروسية كانوا استحوذوا على عينات من العنصر الكيميائي في الغوطة. وحللوها وأرسلوها إلى المخابرات العسكرية البريطانية، وتلك كانت هي العينات التي تم إرسالها إلى بورتون داون.
وقال المتحدث باسم بورتون داون: "العديد من العينات التي تم تحليلها في المملكة المتحدة كانت نتائجها إيجابية وتثبت وجود غاز أعصاب السارين."

في حين علقت المخابرات البريطانية بأنه لا تعليق لديها بشأن المسائل المخابراتية.)

أكد مسئول المخابرات السابق أن العميل الروسي الذي سلم العينة إلى المملكة المتحدة كان "مصدرا جيدا، وهو شخص لديه القدرة على الوصول إلى المكان، والمعرفة وسجله يؤكد مصداقيته."

بعد التقارير الأولى عن استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا العام الماضي، انهمكت وكالات المخابرات الأمريكية والحليفة لها في الوصول إلى جواب حول ما إذا تم استعمال سلاح من هذا النوع حقا، ومصدره.

المانح الأساسي لوكالة مخابرات الدفاع كان على معرفة تركيب كل مجموعة من مجموعات الأسلحة الكيماوية التي صنعها الاتحاد السوفيتي، لكننا لم نكن نعلم أي مجموعة توجد في الترسانة السورية حاليا.

في غضون أيام من الهجوم طلبنا من مصدر في الحكومة السورية تزويدنا بقائمة المجموعات التي تمتلكها الحكومة حاليا. لهذا السبب تمكنا من تأكيد الإختلاف بتلك السرعة."


لم تجر العملية بهذه السلاسة في الربيع وفقا لمسئول المخابرات السابق، لأن الدراسات التي قامت بها أجهزة الإستخبارات الغربية كانت غير قاطعة من ناحية نوع الغاز المستخدم ولم يتم ذكر كلمة "سارين".

وجرى الكثير من النقاش حول ذلك الأمر، لكن وبما أنه لم يكن بإمكان أحد تأكيد نوع الغاز، لم يعد بمقدور المرء أن الرئيس الأسد تجاوز الخط الأحمر الخاص بأوباما.

لكن بحلول 21 أغسطس كان واضحا أن المعارضة السورية تعلمت الدرس وأعلنت أن الجيش السوري استعمل غاز "السارين" قبل أن يتم القيام بأي تحليل، وتلقفت وسائل الإعلام وأوباما الخبر، فبما أن الغاز الآن هو السارين، "فلا بد أن الأسد هو الفاعل."


فريق وزارة الدفاع البريطانية الذي حوّل نتائج بورتون داون إلى رؤساء هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، كان يقصد إرسال رسالة إلى الأمريكيين، وفق المسئول السابق في المخابرات: "أحدهم يريد الإيقاع بنا" (هذا يفسر الرسالة المقتضبة التي أرسلها مسئول رفيع في وكالة المخابرات الأمريكية أواخر شهرأغسطس: "لم يكن من فعل الحكومة الحالية لبشار.. بريطانيا وأمريكا تعلمان ذلك حينها كان الهجوم سيحدث بعد بضعة أيام، وكانت الطائرات والسفن والغواصات الأمريكية والفرنسية والبريطانية على أهبة الاستعداد.


الضابط الأعلى الذي كان مسئولا عن التخطيط للعدوان وتنفيذه هو الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة. حسب مسئول الاستخبارات السابق، منذ بداية الأزمة، كان رؤساء هيئة الأركان المشتركة يشككون بحجة الإدارة الأمريكية بامتلاكها حقائق تدعم رأيها حول مسئولية الأسد. لذلك ضغطوا على وكالة استخبارات الدفاع والوكالات الأخرى لتزويدهم بدليل متين.

"كان من المستحيل أن يقبلوا بإمكانية قيام سوريا باستخدام غاز الأعصاب في تلك المرحلة لأن الأسد كان يكسب الحرب".

سبب ديمبسي غيظ الكثيرين في إدارة أوباما بسبب تحذيره المستمر للكونجرس طيلة الصيف من مخاطر التدخل العسكري الأمريكي في سوريا.

في أبريل الماضي وبعد تقدير متفاءل عن تقدم المتمردين قدمه وزير الخارجية جون كيري، أمام لجنة الشئون الخارجية، أبلغ ديمبسي لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب عن خطر وصول النزاع إلى نقطة المراوحة".


وجهة نظر ديمبسي بعد 21 أغسطس كانت أن الضربة الأمريكية على سوريا، على افتراض مسئولية الأسد عن استخدام غاز السارين، ستكون خطأ عسكريا فادحا.
تقرير بورتون داون دفع رؤساء الأركان إلى مواجهة الرئيس بمخاوف أكثر خطورة: الهجوم الذي يرغب البيت الأبيض بشنه سيعتبر عملا عدوانيا غير مبرر بالتالي نجحوا في دفع أوباما إلى تغيير مساره.

أما التفسير الرسمي الصادر عن البيت الأبيض لهذا الانقلاب، عبر المكتب الصحفي، فكان أن الرئيس قرر فجأة أثناء نزهة مع دينيس ماكدونوف طلب الموافقة على الضربة من الكونجرس الغارق في انقساماته، وهو ذات الكونجرس الذي تربطه علاقة نزاع معه منذ سنوات.

بحسب مسئول سابق في وزارة الدفاع، فإن البيت الأبيض قدم تفسيرا مختلفا لأعضاء القيادة المدنية في البنتاجون: تم إلغاء الضربة بسبب وجود معلومات استخبارية تقول أن الشرق الأوسط سيشتعل برمته حال تنفيذها.


في البداية، رأى كبار مساعدي البيت الأبيض قرار الرئيس بالتوجه إلى الكونجرس تكرارا لمناورة جورج بوش الابن في خريف 2002 قبل غزو العراق: "عندما اتضح خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، أنقسم الكونجرس، الذي وافق على الحرب على العراق، والبيت الأبيض اللوم وكررا بشكل مستمر اسطوانة المعلومات الاستخبارية الخاطئة.

في حال قيام الكونجرس الحالي بالتصويت على الضربة والموافقة عليها، يمكن للبيت الأبيض من جديد أن يستثمر الأمر في الاتجاهين، توجيه ضربة قاضية لسوريا وتأكيد التزام الرئيس بالخط الأحمر، وبذات الوقت يكون بمقدور البيت الأبيض تقاسم اللوم مع الكونجرس إن تبين أن الجيش السوري لم يكن من قام بالهجوم.

شكل الانقلاب مفاجأة حتى لزعامة الديمقراطيين في الكونجرس.

ذكرت صحيفة وال ستريت جورنال أن أوباما قبل ثلاثة أيام من خطابه في الحديقة اتصل هاتفيا بزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي للتباحث بشأن الخيارات.

وحسب الصحيفة، أبلغت لاحقا بعض زملائها بأنها لم تطلب من الرئيس طرح مسألة الضربة على الكونجرس للتصويت.. وسرعان ما تحول توجه أوباما للحصول على موافقة الكونجرس إلى طريق مسدود..وأفاد مسئول سابق في المخابرات إلى أن الكونجرس لم يكن سيسمح بتمرير الأمر.
وأعلن الكونجرس أنه، وبخلاف الموافقة على الحرب على العراق، سيتم إجراء جلسات موضوعية. عند تلك النقطة ساد شعور من خيبة الأمل في البيت الأبيض.


عندها ظهرت خطة بديلة، يتم إلغاء الضربة وسيوافق الأسد من جانب واحد على توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية وأيضا على تدمير الأسلحة الكيمياوية بإشراف الأمم المتحدة. في مؤتمر صحفي في 9 سبتمبر في لندن.


كان كيري ما يزال يتحدث عن التدخل: "خطورة عدم التحرك هي أكبر من خطورة التحرك" لكن عندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان بمقدور الأسد القيام بشيء لمنع الضربة، رد كيري: "بالتأكيد، بإمكانه تسليم كافة أسلحته النووية إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل.. لكنه لن يقوم بذلك، ومن الواضح أن ذلك أمر لا يمكن تنفيذه." كما ذكر تقرير نيويورك تايمز الذي صدر في اليوم التالي، قام الروس برعاية الصفقة، وتمت مناقشتها في وقت لاحق بين بوتين وأوباما في صيف 2012.

بالرغم من أن خطط الضربة تم رميها في الصندوق، إلا أن الإدارة لم تغير من تقييمها العلني بشأن تبرير الذهاب إلى الحرب.

ووفق مسئول الاستخبارات السابق، لا مجال للتسامح بأي خطأ على ذلك المستوى بالنسبة لكبار مسئولي البيت الأبيض، لم يكونوا قادرين على التصريح "بأنهم كانوا مخطئين"، لم يكونوا قادرين على ذلك.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article